ليه جده؟
جده مدينة تحضنك، أهلي وأغلى الناس فيها. مدينة ما تزعلك. نقصها وعيوبها يعطوها كمال! طبعاً هذا بدون مانتكلم عن بحرها ونسمة هواها، وعن وجود عميد الأندية فيها. مهما ابتعدت من جده يبقى مرجعي لها وجزء من روحي فيها.
ليه كل هذا الشوق والغرام لجده؟
اكيد جزء كبير من الشوق يعود لوجود والدتي وأهلي الله يحفظهم في جده. وجزء آخر دفعني لكتابة هذه التدوينة هو فلم سعودي شاهدته تم تصويره في جده.
قصة الفلم عن طالبة مبتعثة تعود الى جده في فترة العيد وخلال زيارتها تمر بظروف عائلية صعبة مع وجود مرض نفسي لوالدها. ووالدها بالفلم -بالمناسبة كان اداؤه التمثيلي ١٠ من ١٠- ذكّرني بوالدي الله يرحمه. كنت أتمنى ان اشاهد فلم بقصة شبيهة قبل وفاة والدي لأن الفلم كان سيفيدني كثيراً ويساعدني في معرفة إحساس والدي خلال فترة مرضه.
وبالحديث عن أداء والد بطلة الفلم، بعد إنتهائي من مشاهدة الفلم ذهبت للبحث عن ياسر الساسي الذي قام بدور الأب، واكتشفت انه رجل اعمال بخبرة عملية كبيرة في القطاع الخاص! وكانت هذه مفاجئة جميلة لأني مؤمن بتعدد المواهب للشخص. وهذا اعطاني دافع للاستمرار في تنمية مواهبي المختلفة.
نعود للفلم الذي أظهر لي أجمل ما في مدينة جده وأعتقد انه أفضل فلم يصوّر المدينة ببساطتها وجمالها. سبق وأن شاهدت أفلام أخرى تم تصويرها بجده مثل شمس المعارف وأمس بعد بكرة لكنها لم تظهر لي نفس الجانب الرائع الذي أظهره لي فلم “بسمة”.
أيضاً من الجوانب الجميلة بالفلم الجانب الموسيقي، اكتشفت في الفلم أغاني عربية اول مره اسمعها وعمرها اكثر من ٧ سنوات!.
وانتهى الفلم باقتباس مؤثر جداً من مات هيغ يقول فيه: “لا يوجد تعريف معياري للشيء الطبيعي، يوجد اكثر من ٧ مليار نسخة للطبيعي في هذا الكوكب”
ومن الرسائل المثرية بالفلم كانت رسالة توضح انه من الخطأ محاولة تغيير الأشخاص من حولنا بما نراه صحيح في نظرنا، والأفضل هو تقبّل الواقع والاحساس بموقف الطرف الآخر وقبوله كما هو دون تذمر.
وهذه الرسالة جعلتني أؤمن أكثر بفكرة ان نظرتنا للحياة مبنية بشكل أساسي على سلامة دواخلنا وكيفية نظرتنا للأمور. هل ننظر لمواقفنا بإيجابية وتفاؤل أم تشاؤم؟ بحسب نظرتنا يتشكل الموقف.
مهما كانت ظروفنا الخارجية معقدة، سواء بوجود مشاكل بالعمل، السيارة، المنزل، عارض صحي بسيط، كل هذا سيكون اسهل علينا عندما تكون سلامتنا الداخلية بخير ورضا.
والعكس تماماً، عندما تكون سلامتنا الداخلية ممتلئة بالشوائب، سنشعر بالضيق والضعف مهما كانت الظروف الخارجية مثالية.