عن الانتشار وجذب المستخدمين

قبل أيام كنت في نقاش مع زملائي عمّا إذا كان النشر في مدونة هو افضل طريقة للانتشار. كان رأيهم ان النشر في تويتر على شكل “Thread” او “سرد” سيكون اسرع في الانتشار، القراءة، التواصل، وتحليل البيانات. اذاً لماذا هذا العناء بالنشر في مدوّنة خاصة؟

الاجابة ليست مباشرة، ردّي على هذا الادّعاء كالتالي:

الانتشار المستمر أم الانتشار اللحظي المنتهي؟

في مرّة قرأت مقارنة بين الانتشار على تويتر وعلى المدوّنات. كانت نتيجتها ان الانتشار في تويتر سريع ولحظي، ممكن خلال يوم او يومين تصل لعدد كبير من الناس. ثم بعد ذلك تقريبا تعود المشاهدات الى الصفر.

على عكس المدوّنات التي تبدأ بأرقام قليلة لكن هذه الأرقام تستمر لفترة أطول من الزمان خصوصاً إذا كانت التدوينة مرجعية، موضوعها مهم، ليست مرتبطة بزمن محدد، وتحتوي على مقوّمات خوارزمية البحث المعروفة بSEO.

بالتالي الانتشار في تويتر سيعطيك شعور السعادة اللحظي والذي تتمنى تكراره فتكرره عن طريق نشر سرد اخر واخر وهكذا الى ان يصبح حسابك عبارة عن سرد لا متناهي من التغريدات بغض النظر عن جودة المحتوى. المهم ان تويتر يكافئك بالأرقام والتنبيهات على الاعجاب، إعادة النشر، والمتابعة..فتشعر بالتأثير والفرح عند كل تكرار لهذه المكافآت. (ابحث عن ادمان هرمون الدوبامين بسبب منصات التواصل الاجتماعي)

لخبطة السرد

احد المشاكل في النشر على تويتر هي اللخبطة، أحيانا تتداخل الردود مع السرد او يتم لخبطة في التغريدات لأي سبب كان مما سيزيد الضغط والسكر عند الكاتب.

جريمة الاستحواذ على التركيز

المهندسين في الذين يعملون في شركات التواصل الاجتماعي هدفهم الاستحواذ على تركيزنا بحيث نبقى متّصلين على مواقعهم لأطول وقت ممكن. انا لا أفضل ان أشارك في هذه الجريمة عن طريق نشر سرد بشكل مستمر لزيادة وقت المتابعين على تويتر.

أيضا الغريب ان احد الزملاء لاحظ ان تغريدات السرد في تويتر تجذبه ليقرأها للأخير وقد تذهب به الى تغريدات أخرى غيرها وهكذا، وبالتالي يقرأ اكثر ويطّلع على مواضيع اكثر. وهذا الشيء سيجعلني فعلياً اعيد التفكير بأن انشر ما هو مكتوب بالمدونة على تويتر في هيئة سرد.

احتمالية حذف حساب تويتر او حظر التطبيق في أي لحظة

تويتر في نهاية اليوم منصّة لها قوانينها وسياساتها. ممكن في أي لحظة اخالف القوانين بدون علم فيتم اقفال الحساب وجميع المحتوى يتعرّض للخطر. المدونة معرّضة أيضا للخطر لكني شخصياً لا اعلم مدوّنات تم اختراقها او اغلاقها عكس حسابات تويتر.

الأرقام بالنسبة لي ليست كل شيء

احد الزملاء ذكر ان تأثير المحتوى على تويتر اقوى من المدونة. كلمة “أثر” قوية، اعتقد صعب جداً تقيس الأثر لهذا النوع من العمل. وأرقام تويتر احياناً تبهر الشخص بأن الكثير شاهد محتواه وعدد مرات إعادة التغريدات عالي. لكن الفخ الذي لا يعرفه البعض ان هذه الأرقام تُباع! والبعض يشتريها ويشتري المتابعين أيضا! لذلك شخصياً لا أثق بأي ارقام اشاهدها على تويتر خصوصاً لحسابات غير معروفة بالنسبة لي.

لذلك انا مؤمن بأن هذا النوع من المحتوى جمهوره ليس عالي، وتأثيره محدود على اشخاص قليلين لكن الأثر عالي عليهم. وبالتالي الأرقام ليست كل شيء. وفي الحقيقة..انا اكتب لنفسي قبل كل شيء، اكتب لأوثق هذه الفترات وهذه الأفكار واعيد ترتيب افكاري بشكل أوضح.

الأرقام جميلة وستعجلني أكثر سعادة، لكنها لن تكون الهدف الرئيسي من كتاباتي.

هل الجمهور سيبقى دائماً قليل؟

لا، هنالك مصطلح يسمى “تحفيز السوق على الطلب” “Market Stimulation”. معناه ان تحول الطلب على المنتج من غير مرغوب الى مرغوب فيه، بمعنى اخر ان تخلق حاجة للمنتج عند المستخدمين. أحياناً يكون المنتج ممتاز بحد ذاته لكن الناس غير واعية بهذا المنتج او بجودته، فيتم التسويق له ومع استمراريته يثبت جودته بالسوق.

كمثال على ذلك الإصدار الأول من جوال الايفون. شركة أبل قبل الايفون لم تبيع أي هاتف وكانت حصتها من السوق 0%، اذكر-غير متأكد- ان ستيف جوبز عندما أعلن عن اول اصدار للايفون كان هدفه يحصل على 10% فقط من السوق. وهذا هو خلق الحاجة للجهاز الذي صنعوه شركة أبل.

أحيانا تحفيز السوق يستقطب مستخدمين جدد. كمثال، عدد المسافرين بين مدينتين على شركات الطيران هو 100 مسافر بالسنة. ثم فجأة شغّلت شركة طيران جديدة نفس المسار لكن بسعر أرخص ب30% من اقل سعر كان متوفر. ستتفاجأ ان عدد المسافرين اصبحو 130 مسافر بالسنة. السبب هو ان الشركة الجديدة استقطبت مستخدمين جدد وهؤلاء المستخدمين كانوا يسافروا عن طريق حافلات النقل الجماعي وسيارات الأجرة وغيرها.

ما أفعله هنا هو محاولة لاستقطاب وخلق سوق جديد يحب القراءة ويستمتع بنوع المحتوى المطروح بالمدونة.

هل يوجد مثال لنفس حالتي؟

نعم، امرأة اسمها ماريا بوبوفا. بدأت نشرة بريدية في عام 2006 مشترك فيها 7 من اصدقائها فقط تنشر فيها المواضيع التي تشدّها بشكل اسبوعي. في عام 2012 وصلت الى 150 الف مشترك. ماريا تطلب من متابعيها التبرع لها لاستمرارها بالنشر والكثير من المتابعين يتبرعوا لها بشكل شهري لدعمها (رابط مدونتها).

وهذه مقالة مترجمة في مدونة مترين بمتر عن 10 دروس عميقة تعلّمتها ماريا.

أسئلة للنقاش: هل ماريا استغلت أفضل تقنية للانتشار موجودة في عامها ثم استمرت عليه؟ هل لو كان تويتر متوفر في عام 2006 كانت اكتفت ماريا بالسرد على تويتر لأنه افضل تقنية للانتشار؟ ولماذا حالياً لا تنشر مقالاتها على شكل سرد في تويتر؟

اشترك بالنشرة البريدية لتصلك اجدد المقالات

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *