كيف يتشكّل ادراكنا للأحداث؟

قصة 1


حدث رقم 1: تم تعيين رئيس تنفيذي جديد لشركة


حقيقة أولى معروفة داخل الشركة: بعد عام الرئيس ساهم في انشاء أكثر من 4000 وظيفة جديدة.

حقيقة ثانية معروفة داخل الشركة: بعد عام الرئيس ساهم في قتل أكثر من 10000 وظيفة موجودة بالشركة.


الان بعد ان عرفنا الحقائق. بإمكاننا ان نحوّرها بحسب رغباتنا. سنجد صحف واخبار تتحدث عن عظمة الرئيس بإيجاده لوظائف جديدة ومدى اهتمامه بسوق العمل مما يوحي للمتلقي ان الرئيس عظيم! وبالتالي سنجد فئة من المجتمع تعظّم الرئيس وتدعمه بشكل مستمر لهذا العمل العظيم. (منظور 1 -الكارهين-)


على الضفة المقابلة. سنجد صحف واخبار تتحدث عن فضيحة الرئيس في انهائه لوظائف موجودة من عقود وانهاءه لخدمات موظفين مما يوحي للمتلقي ان هذا الرئيس سيء ولا يهتم بالموظفين. بالتالي سنجد فئة من المجتمع تكره الرئيس وتريد انهاء وظيفته بأسرع شكل ممكن. (منظور 2 -المعجبين-)


وعلى بُعد إضافي جديد، الرئيس يجد نفسه تحت ضغوط من مُلّاك الشركة ومن المجتمع، المُلّاك يريدوا تحقيق اهداف الشركة وزيادة الأرباح بأي طريقة ممكنة. والمجتمع يريد الحفاظ على الوظائف الحالية ودعم الخرّيجين بإعطائهم مميزات وظيفية. وبعد الدراسات والخطط والعروض التقديمية المتتالية على برنامج بور بوينت يوافق رئيس الشركة على الخطة المستقبلية بانهاء وظائف وانشاء وظائف أخرى…ثم تأتيه صفعات متتالية من الصحف مع احتمالية تصعيد هذا القرار من قبل الموظفين نفسهم بعد ان تم شحنهم من الاخبار ممّا قد يؤدي الى انهاء وظيفة الرئيس نفسه! (منظور 3 -الرئيس-)

بعد ان علمنا جميع هذه المعلومات، هل نستطيع ان نحكم اذا كان قرار الرئيس صحيح ام خاطئ؟ الجواب سيعتمد على أي منظور نقيّم به القرار. بعد تحديد المنظور سيسهل تقييمنا للقرار (ادراكنا)


مغزى القصة


كل قرار يتم اتخاذه له معجبين وكارهين (انحياز شخصي). اغلب الأوقات يكون لدى كتّاب الاخبار دوافع خفية لنشر الخبر، فيحوّروا المعلومات المتوفّرة بما يناسب دوافعهم. ممّا يعني اننا لا نعلم جميع المعلومات.. نحن نتلقّى المعلومات التي تم السماح بنشرها فقط. لذلك في كل مرّه نحاول تقييم أي قرار، الافضل ان نعود خطوة للوراء وننظر للحدث بصورة شمولية ونتساءل عمّا اذا كانت المعلومات كاملة ام ان هنالك بعض المعلومات التي لا نعرفها. وأيضا نتساءل عن مصداقية القناة الناقلة للخبر ومدى انحيازها (تفضيلها) لجهة دون الأخرى.

فخ
في القصة السابقة افترضنا ان هنالك وسيط نقل لنا الخبر وهذا الوسيط منحاز وساهم في اعجابنا او كرهنا للقرار. ماذا لو كان هذا الوسيط هو عقلنا؟! نحتاج مثال صح؟
المثال التالي هو مثال مراهقين لكنه جدا حقيقي.


قصة 2


فوزي طلب الخروج مع صديقه سمير. سمير رفض بسبب كورونا (حقيقة رقم 1). بعد ذلك فوزي وجد ان سمير خرج مع صديقه الأخير عن طريق صورة بالسوشل ميديا (حقيقة رقم 2)
الان عقل فوزي سيضيف جميع البهارات والأدوات اللازمة لكُره سمير (العقل يعمل كوسيط ليجعل فوزي منحاز تجاه صديقة). بهارات مثل “سمير مايحب يخرج معاي” “سمير صرّفني” سمير سمير سمير” وسيتكوّن منظور واضح لفوزي ان سمير لا يمكن الوثوق به (ادراك فوزي)


على الضفة الأخرى، سمير اضطر للخروج مع صديقه الاخر لأن لدى صديقه حالة طارئة في المستشفى واضطر ان يخرج معه لدعمه. وهذه المعلومة لا يعرفها فوزي الذي قرّر -بينه وبين نفسه- ان ينهي علاقته بسمير.


المغزى


قبل اتخاذنا للقرار الأفضل ان نرى الحدث خارج أنفسنا، عامل نفسك كأنك شخص آخر شاهد الموقف ثم قيّمه، هل يستحق مشاعر الكره أم ان الأفضل ان نتريث قبل ان نحكم على الشخص حتى تكتمل الصورة معنا. وهل يجب ان تكتمل الصورة؟ هل يجب ان نعرف كل الحقائق؟ ام نكتفي بمقولة التمس لأخيك سبعين عذراً بحيث نعذر أصدقائنا دون معرفة الحقيقة او البحث عنها او حتى انتظارها.

الصورة بالأسفل توضح لنا الفكرة. نحن لا نرى الّا الجزء الذي نفضله (ننحاز تجاهه) من الحقيقة وبناء على هذا الجزء نكوّن ادراكنا (فهمنا) للحدث.

اشترك بالمدونة لتصلك اجدد المقالات على بريدك الالكتروني

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *